ومضات روحية

((بسم الله الرحمن الرحيم ))
قال الله عز وجل (( وماخلقتُ الجنّ والانسَ إلاّ ليعبدون ))
لوتأملنا هذه الآية الكريمة ووجهنا بعض الأسئلة لأنفسنا .
لأي الأسباب خلقنا الله ؟ ولماذا ؟ ومالمطلوب منا ؟ ومايجب علينا ان نفعل ؟
لوجدنا المعنى واضح في الآية الكريمة ..لكن أي عبادة يريدها الله تعالى ؟ هل المعنى ان نقضي ايامنا ليلا ونهارا نصلي ونقرأ القرآن أم ماذا ؟
الله تبارك وتعالى لم يخلقنا لأجل ان يعذبنا وينتقم منا ويهيننا ...بل خلقنا لكي يرحمنا ويسعدنا وهذا واضح من نعمه التي تحيطنا والتي لاتعدُّ ولاتحصى .
لو نتأمل في عظمة هذا الكون الواسع وننظر الى كل شيء من حولنا .ماذا سنجد؟
سنجد ان كل ما حولنا هو مــُسخــّر لفائدة الانسان ومصلحته ...((فلينظر الانسان الى طعامه ۞انا صببنا الماء صبا۞ ثمّ شققنا الأرض شقا۞ فأنبتنا فيها حبّاً ۞وعنبا ً وقضبا ً ۞وزيتونا ً ونخلا ۞وحدائق غلبا ۞وفاكهة وابا ۞ متاعا ً لكم ولأنعامكم ۞)) سورة عبس من الاية 24 الى الاية32
وآيات كثيرا نبـّهت الانسان الى نعم الله عليه ونبهته الى انه لايريد ظلما بالعباد
(( انما يريد الله ان يخفف عنكم وخلق الانسانُ ضعيفا ))سورة النساء الاية 26
فهذا الأختلاف الذي يدعونا الى التأمل والتفكر في عظمة الخالق ..وهذا التباين في كل مجالات الحياة وحتى في المهن والوظائف . فالمهندس والخباز والبائع والدكتور والمدرس ...الخ الاتجد في ذلك حكمة ؟ الاتجد ان هذه التباينات والاختلافات هي من اجل ان يكمّل بعضنا البعض . ولنتأمل ايضا ً انفسنا مثلا ًخلق الوجه ونبدأ بالعين ودقتها ورغم هذا يوجد تباين بينها وبين العين الاخرى ولو بنسبة ضئيلة جدا ...وسبحان الله فإننا نستطيع ان نرى من خلالها الاشياء كما هي تماما رغم صغر حجمها وخصوصا ان كانت سليمة معافاة وحتى الاسنان في فمنا كل سن لايشبه الآخر لأن لكل سن وظيفة خاصة به ...فبعضها للقطع وبعضها للمضغ .لذا سمي بعضها بالقواطع وبعضها بالأنياب ويفرز في اللهاة انزيم يجعل الفم رطبا دائما لتسهيل عملية بلع الطعام فهي تعمل على جعل اللقمة لينة .
والناس يختلفون فيما بينهم ليس في اللهجة والطباع فقط بل حتى في الاشكال والالوان ...(( واختلاف السنتكم وألوانكم انّ في ذلك لآيات ٍ لقوم ٍ يتفكرون )) ..أما قلب الأنسان فهو بحد ذاته معجزة فهو ينقسم الى البطين الأيمن والأيسر لكنه لاينقسم تماما ً بقدرة الله سبحانه .
والمعده وعملها المنتظم في عملية هضم الطعام ..أما دماغ الانسان فهو الجزء الاهم بالنسبة له وهو الذي يقوم عليه كيانه .لأنه يتحكم بكل حركاته وانفعالاته وبصره وذاكرته والمنطق والحس ألخ ...
وقال تعالى (( كلوا واشربوا ولاتسرفوا )) نجد انّ الله سبحانه لايحرمنا من أي متعة خلقها في الحياة الإ اذا كان في ذلك صالحنا فمثلا حرّم علينا لحم الخنزير لأن في لحمه جراثيم تسبب الأمراض المستعصية للإنسان وربما تسبب له الموت وكذلك حرّم علينا الميتة ..لأن لحم الكائن الميت يتفسخ ويتحلل وفي ذلك خطر على الانسان ..وحرّم من جملة المحرمات ايضا الزنا لإنه كان فاحشة ً وساء سبيلا وايضا يسبب للإنسان مرض الايدز والامراض الزهرية اعاذنا الله منها .. ومن شرور المحرمات كلها ولو ان ّ نسبتها قياسا ً بالمباحات تكون قليلة جدا .
اما عقاب الله ففيه تجلت حكمته ايضا ً فالسارق تقطع يده ...فهو لديه الوقت الكافي ليتوب كما انّ هذا الحد الصارم يمنع الكثيرين من مجرد التفكير في السرقة .. لأن خسارته ستكون اكثر من ربحه ِ وهي خسارة مادية ومعنوية ( ملموس ومحسوسة )
والصلاة هي اعظم العبادات التي تنهى عن الفحشاء والمنكر فنكون من خلالها على صلة روحية مع الله سبحانه في كل الاوقات .أما الصيام فهو تزكية وتأديب للنفس وتعويدها على الصبر والتصبر .ثمّ انظروا كيف انّ الله يسهل علينا العبادات فيجعل الصلاة قصرا في السفر .ويجعل للمريض والمسافر في فريضة الصوم عدة من ايام أخر . ونتأمل في الآية (( ياايها الذين اسرفوا على انفسهم لاتقنطوا من رحمة الله انّ الله يغفر الذنوب جميعا ً وهو الغفور الرحيم )) نرى ان الله بكل عظمته وهيمنته يزرع الامل في النفوس العاصية في كلام لطيف ليس فيه وعيد ولاتهديد . رغم انه له الكبرياء في السماوات والارض فهو لايحتاج الينا بل نحن نحتاجه فــله خزائن السموات والارض وهو غنيٌّ عن العالمين .
نعود لنسأل انفسنا هل عبدنا الله حقّ عبادته ؟ هل عرفنا مالذي يريده الخالق منا ؟ وربما لانجد غير هذه اجابة .اذ يجب انْ نؤدي حقوقه في كل صغيرة وكبيرة ونرجع الى كتابه في كل في كل امورنا فهو لم يترك صغيرة ولاكبيرة إلا ّ احصاها
وحقوق الله ليست عسيرة ولاصعبة التحقيق لأنها تتمثل بالصدق والاخلاص في العمل ...ونحاسب انفسنا ونواجهها ان هي أخطأتْ .... فعلينا ان نعرف مسؤولياتنا قبل حقوقنا ويذكرني هذا بقول رسولنا الكريم الذي لاينطق عن الهوى إنْ هو إلاّ وحيٌ يوحى ( كلكم راع ٍ وكلكم مسؤول ٌ عن رعيته ) . فلقد جعل الطبيب سبب شفاء المريض كما في حديثه الشريف ( جعل الله لكل داء دواء على يد الاطباء ).وهذا مثل واحد من آلاف وملايين الامثلة . فعلى الجميع ان يؤدي الامانة التي اودعها الله على عاتقه ِ ...والحمد لله الذي هدانا لهذا وماكنا لنهتدي لولا ان هدانا الله . واختم قولي بأبيات اخترتها تطابق هذا المعنى وهذا القول .
اخلص النية للــــــه فما لله ينمــــــــــو
إنما الأعمال بالنيات لا بالقول تسمــــو
فهوى الدنيا مــــتاع زائل مهما تهــــــم
فإذا حاطك يومـــــا وأصاب القلب سهم
فتسام عن ريــــــــاء فرياء الفعل هـــدم
والمراءاة جـــــزاها بدل الإحســــان ذم
حكم العقل لترقـــــى بقرار فيه حــــــــلم
فعرى العقل يقيـــــن ومدار العقل عــــلم
فإذا رابك شــــــــــك أو غزا قلبك وهـــم
فتجنب سوء ظــــــن أن بعض الظن إثـم
وتحاش من تــــــراه بين خلان يــــــــنم
وتفحص كل قـــــول ربما في القول ظلـم
فبه يسقيك يومــــــــا كأس شهد فيه ســـم
بقلم فاطمة زهير / عدا الابيات الشعرية طبعا

بارك الله فيك اختنا الكريمة فاطمة زهير على كتابة هذا المقال الرائع والمفيد
نتمنى ان نرى المزيد من الابداعات المميزة التي طرزت صفحات المنتدى
بالق الحرف وروعة المفردات ومعانيها المفيدة
وحياك الله واهلا وسهلا بك بيننا وجودك معنا
يجعل من المنتدى اكثر اشراقا وتقدما دمتي بخير
ومن ابداع الى ابداع وسلمت اناملك الذهبية على ماخطت لنا