أنقرة خطفت الأضواء من القاهرة

محلل بريطاني: أنقرة خطفت الأضواء من القاهرة



جانب من تقرير نيويورك تايمز


انتقد المحلل السياسي ، ضابط المخابرات البريطانية السابق ألاستر كروك، في مقاله بصحيفة "نيويورك تايمز"،
إستجابة الحكومة المصرية للهجوم الذي شنته إسرائيل على "أسطول الحرية"،
ورأى أن النظام المصري يتجاهل ما تفعله إسرائيل من حماقات
لقناعته أن بوابة الحصول على الضوء الأخضر لتوريث الحكم تكمن في تل أبيب وليس في واشنطن.

وأكد بروك، أن النفوذ المصري تراجع مؤخراً،
مما فتح المجال لكل من تركيا وإيران لسحب بساط التأثير الإقليمي من تحت أقدام مصر،
مشيراً إلى أن واقعة أسطول الحرية تمثل مما لا شك فيه "نقطة تحول بالنسبة لمصر، والمملكة العربية السعودية ولكن بنسبة أقل".

وأوضح الكاتب، أن النظام المصري الذي طالما غض بصره عن التجاوزات الإسرائيلية،
لم يتمكن عن الوقوف مكتوف الأيدي أمام جريمة أسطول الحرية،
وإنحاز للضغوط الشعبية وقرر فتح معبر رفح لتهدئة غضب المصريين،
كما أن الخارجية المصرية لم يعد في إمكانها إغفال ما تشهده خريطة الشرق الأوسط الاستراتيجية.

"ما نشهده الآن ما هو إلا خطوة أخرى - ربما تكون حيوية - في تحول توازن القوى في الشرق الأوسط،
فالقضية الفلسطينية على ما يبدو تسقط تدريجياً من يد الرئيس مبارك والملك عبد الله، عاهل المملكة العربية السعودية،
ليلتقطها زعماء إيران وتركيا، إلى جانب الرئيس السوري بشار الأسد، الذي بات أكثر إدراكاً وقبولاً لرياح التغيير،
في الوقت الذي بدا فيه الرئيس مبارك معزولاً،
وظهر كأكثر معاوني إسرائيل في المنطقة"، هكذا أكد بروك.

ورأى بروك،
أن جميع من في المنطقة يدركون جيداً أسباب تأييد النظام المصري الضمني لإسرائيل،
فهو يتمتع بالحد الأدنى من التأييد في الولايات المتحدة الأمريكية،
وإذا تجاهلت واشنطن مبادئ الديمقراطية في مسعاها لدعم توريث الحكم في مصر،
سيكون هذا فقط لأن إسرائيل تقول إن "غض الطرف" الأمريكي ضروري من أجل أمنها وسلامتها.

ولتحقيق هذا الهدف، أضاف الكاتب،
عكف النظام المصري على إضعاف موقف حكومة حماس في غزة،
ولتعزيز حكومة محمود عباس وحركة فتح،

وزعم الكاتب أن القاهرة تتبنى هذه السياسة على حساب الوحدة الفلسطينية،

"فمحاولة التوسط المصرية والتوصل إلى اتفاق سلام أحادي الجانب
ينظر إليها في المنطقة كجزء من المشكلة وليس جزءاً من حل المشكلة الفلسطينية"
على حد تعبير بروك.

وما يدعو للمفارقة،
كان هذا الموقف المصري ما فتح الباب أمام تركيا وإيران للحصول على رعاية القضية الفلسطينية،
ورأى الكاتب أن وراء موقف تركيا الحاد من الضربة الإسرائيلية على السفينة التركية صراع إقليمي عميق،
ينبع من الاعتقاد السائد أن "عملية السلام" بين الفلسطينيين والإسرائيليين فشلت،
وأخفقت أعمدتها الأساسية،
فالرأي العام الإسرائيلي لم يعد يؤمن بأن "أرض السلام" - مبدأ اتفاقية أوسلو- سيمنحهم أي أمن،
بل باتوا يعتقدون أن الانسحاب سيقرب من صواريخ حماس.

وأضاف الكاتب،
أن مصر من ناحية أخرى لم يتبقَ لها في المنطقة سوى ذكرى عظمة الماضي ،
بعد أن تراجع نفوذها بشكل كبير، على مدار 20 عاماً،
استخدم زعماء المنطقة اشتراكهم في "عملية" السلام، كمبرر لتقويض الانشقاق الداخلي ،
ولكنها باتت الآن أداة فاقدة لسحرها.

وهنا يكمن "مأزق" القاهرة،
فتأييد الحصار أملاً في أن تكافئها الولايات المتحدة بمباركة التوريث،
أعاقته رياح التغيير وهددت بقاء جمال مبارك،
وبأي حال من الأحوال،
فسيطرة مصر على "الملف" الفلسطيني لن تكون أبداً كالمعتاد،
هكذا ختم كروك مقاله.