شمس الحرية عضو برونزي
الجنس : اسم الموقع : العراق العمل/الترفيه : صحافه المساهمات : 171 النشاط : 249 الأعجاب : 111 الأنتساب : 21/03/2011 العمر : 34
| موضوع: سُورَةُ آلبَقرَة تَفسِير قصَة النَبِّي عُزَيْر (ع) السبت 01 أكتوبر 2011, 12:20 pm | |
| [center] سُورَةُ آلبَقرَة تَفسِير قصَة النَبِّي عُزَيْر (عليه السلام} { أَوْ كَالَّذِي مَـرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ
اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثـُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً
أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ
وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَـةً لِلنَّاسِ وَانْظـُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا
ثُـمََّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَـبَيَّنَ لَـهُ قَـالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُـلِّ شَـيْء قدِيرً } (آيَة:259) {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ) هذِهِ الآيَة اختَلَفَ فِيها المُفسِرُونَ, وَقالَ وَهَب
ابنُ مَنبَه, المّارُ عَلى هذِهِ القَريَةَ هُوَ أَرْمِيا, وَقالَ ابنَ إسْحاق هُوَ الخضِر
وَأقُول هذِهِ الآيَة مَعطُوفَةٌ عَلى الآيَةِ مّا قَبْلُها عُطِفَت فِي (أوْ) عَلى مَعنى
التَعجَُّ ب فِي قوْلِهِ عَزَّ وَجَل, وَتَقدِيرُها أَرَأيْتَ (الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ}
(البقرَة:258) يَعنِي: هَلْ رَأيْتَ يا مُحَمَد مِثْلُ الذِي مَـرَّ عَلى قَريَـةٍ وَهُـوَ
النَبِّيُ عُزَيْـر أرادَ أنْ يُعايـنَ إحياءُ المَوْتى لِيَزدادَ بَصِيرَةً بإشادَةِ الحَقِيقةِ
وَالعِلَّةِ التي تَرَشَحَّت مِنها الحادِثَةُ السَماويَة فِي انْقلابِ القَريَـةِ بأهلِها,,
فَأرادَ عُزَيـْر مِـنْ رَبِّـهِ إحياء المَوتى كَمّا طَلَبَ ذلِكَ إبْراهيمُ لِيَطْمَئِنَ قلْبَـهُ
(وَهِيَ خَاوِيَـةٌ عَلَى عُرُوشِهَا) أي: ساقِـطةٌ حِيطانُها عَلى سقـُوفِها التِـي
سَقطَت بإرادَةِ سَبَبِ كُفرِ أهلِها لَّوْ أنَهُم آمَنُوا لَبَدَّلَ اللهُ تَعالى هَلاكَهُم ثَواباً
وَإذا هُـمْ يَرُونَ رِحالهُم وَدَوابَهُم تَحمِلـُها الرِياح العاتِيَة, فَداخَلهُم الفـَزَعُ
وَأدرَكهُـم الهَلَـعُ, وَتَـوَزَعَ فِـي نفـُوسِهِـم الجَــزَعُ, فهَرعُـوا إلى بيُوتِهِــم
مُسْرعِينَ ظـَناً بذلِكَ يَنْجُونَ, بَـلْ كانَ البَلاءُ عَليْهِم عامَّاً, وَالخَطْبُ شامِلاً
فأصَبحَ القوْمُ الكافِرينَ بَعدَها صَرعى, فأرادَ اللهُ أنْ يُرِّي نَبَيَّهُ عُزَيْـر هذِهِ
المُعجِزَةَ لِتَكُونَ عِبْرَةً لِمَنْ يَتَعِظ, وَعَلى سَبيلِها خَرَجَ عُزَيْر ذاتَ يَوْمٍ إلى
ضَيْعَةٍ لَهُ يَتَفَقَدَها, فَمَلأَ سَلَّتَيْنِ مِِنَ العِنَبِ وَالتِينِ, وَاصْطَحَبَ مَعَهُ مِقداراً
مِنَ السَّمْنِ وَالخُبْـزِ, وَأمْتَطى حِمارَهُ مُتَوِّجِهاً إلى مَنزِلِـهِ: وَبَينَمّا هُـوَ قَََـَدْ
سَرحَ عَقلَهُ يُفَكِرُ فِي سِّرِ هذا الكَوْنِ وَعَظَّمَةِ الوجُود وَعَنْ عَذابِ الآخِرَةِ
الذِي يَتَجاوَزَ قدْرُهُ عَن حُدُودِ العُقولِ فاضْطَرَبَت مَشاعِرَهُ وَاشتَبَكَت مَعالِم
الطُرِقِ عَليهِ, وَإذا هُـوَ فِي قَريَـةٍ تُحَدِثُ عَن أهِلِها حِينَ فَرَقَتهُم ضَّلالَتَهُم
فأصْبَحُوا لَها رسُومَ دَوارِسٍ, وَبأجْسادٍ بالِيَةٍ وَعِظامٍ نَخِرَةٍ, فَدَخَلَها وَهُوَ
عَلى حِمارِهِ فنَزَلَ فِي ظِّـلِّ تِلْكَ المَقبَرَةِ مُندَهِش العَقلِ, فألْقى بِسَلتَينِ إلى
جِوارهِ, وَرَبَطَ حِمارَهُ لِجانِبهِ, فأخَذَ يَجمْع نَفسَهُ إلى شاردِ عَقلِها, يَتَجَوَلُ
فِي بَصَرِهِ يَمِيناً وَشِمالاً, يُفَكِرُ فِي هـذِهِ الأجْسادِ الباليَةِ, كَيْفَ تـُنْشَر بَعـدَ
أنْ أصْبَحَت أدِيـماً لِلأرضِ, وَلِلرياحِ الذارِياتِ هِـطالاً, يَتَأمَـل مَنَظـَر هـذِهِ
الأجْساد,, فتَساءَلَ فِي نَفسِهِ كَيْف يُعِيد اللـَّه الحَياة إلى هـذِهِ العِظام بَعـدَ
فنائِها, فلَمْ يَشُك عُزَيْر إنَ اللهَ يُحيِّيها وَلكِن (قَالَ) تَعَجباً (أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ
اللَّهُ بَعْـدَ مَوْتِهَا) بَـلْ: قالَ مِنْ بابِ الاسْتِعظام وَالتَعَجُب لأمْرِ القدرَةِ, ذلِكَ
لِيَنتَقِلَ مِـنْ مَعرِفَةِ عِلْـمِ اليَقِينِ إلى مَرتَبَةِ عِلْـمِ اليَقِين: يَعنِي, كَيْفَ وَمَتى
يُحْيِّي اللـَّه هـذِهِ القريَـة بَعدَ فَناءِ أهلِها ثُمَ اسْتَحالَ عَليهِ التَفكِيرُ فَصَرَعَهُ
فَأُغمِضَّت عَيناهُ, وَتَسابَلَّت رجْلاهُ, وَدَخلَ فِي نـَوْمٍ أبَدِيٍ وَكَأنَهُ لَحُقَ بِمَنْ
فِي القِبُورِ, بَعدَ أنْ أرْسَلَ اللـَّهُ سُبْحانَهُ وَتَعالى مَلَك المَوْت فَقبْضَ رُوحَةُ
وَتَمَدَدَ حِمارَهُ فِي مَكانِهِ حَتى ماتَ مَعَهُ حِينَ رَأى عُزَيْر صَمَتَ عَنْ الكَلامِ
وَسَكَنَ جَسَدهُ, فأنْزَلَ اللهُ تَعالى قوْلهُ مُخبِْراً رَسُولَهُ مُحَمَدٍ: وَقال (فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مائَةَ عَـامٍ)
كامِلاتٍ فَهَرِمَت مِنْ بَعدِهِ أطفالٌ, وَفُنِيَتْ أعمارٌ, وَأمْحِيَّت
شِعُوبٌ, وَعُزَيرٌ مُلْقى عَلى الرَمْضاءِ جَسَّداً بَلا رُوحٍ, وَثمَ مُزِّقَت عِظامَهُ
مِـنْ جَسَدِهِ مُهَشَمَةُ المَفاصِلِ, فاقِـداً أهْلـَهُ وَأحبائَهُ, حَتى أذنَ اللـَّهُ الحَيُّ
القَّيُوم فِي قََََضِيَـةِ قََـَدْ حارَ الناسُ فِي أمْـرِها, فَلَيْسَ لَهُم حِـسٌ أنْيَدْرِكُوه
فَتَحَيَرُوا فِي طَريقِهِ وَاختَلَفُوا فِي تَقرِيرهِ بِحُكْمٍ لا يَلتَمِسُونَهُ بأيْدِهِم فَجَمَعَ
اللهُ القادِرُ عِظامَهُ (ثُمَّ بَعَثَهُ) أيْ: سَوى خَلْقَهُ, وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ, فإذا
هُوَ قائِمٌ مُكْتِملُ الخَلْق لاّ يََعلَمُ ما لَبَِثَ, كَأنَهُ مِنتَبِهٌ مِنْ نَومِهِ فِي حِينِ وَقتِهِ
يُُفَتِشُ عَـنْ حِمارهِ وَطَعامِه وَشَرابِهِ, وإذا بالنِداءِ يَصِّكُ مَسامِعَهُ مِنْ مَلَكٍ
يَسألَهُ (قَالَ كَمْ لَبِثْتَ) فِي رَقدَتِكَ يا عُزَيرُ وَأنْتَ مَيِّتاً؟ فأجابَهُ كَمّا هُوَ حالُ
النـَوْم الذِي أرْقََـَدَهُ (قَالَ لَبِثتُ يَـوْماً أَوْ بَعْضَ يَـوْمٍ) يَعنِي: هـذا دَلِيلٌ عَلى
القُدْرَةِ إنَهُ لا يَدري كَمْ مَكَثَ بِطُولِ المُدَةِ الطَويلةِ مِنْ سِنِينِ الدُنيا, فأشارَ
إلى المَلَّك عَـنْ لَبْثِـهِ: وَقالَ (يَـوْماً أَوْ بَعْضَ يَـوْمٍ) يَقصِـد كَأنـَهُ فِي نَوْمِـهِ
المُعتادِ نامَ فِي أوَّلِ النَهارِ إلى المَساءِ ( قالَ ) المَلَك (بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ)
تَسْكُن هِذهِ القريَةَ مَعَ أهِلِها يَجُودُكَ الطَلُ, وَتَهْضِبُ عَليْكَ السَماء مِدْراراً
وَتَمِـرُ عَليْكَ السافِياتُ الذارياتُ تُغَطيكَ بذِرارِها, قالَ كَيْف؟ ثـُمََ لَفَتَ اللـَّهُ
نَظَر عُزَيْر إلى أمْرٍ آخَـرٍ: فقالَ لـَهُ المَلَكُ أماتَكَ اللهُ بِقدرَتِهِ التِي لاّ تُحَد,,
ثـُمَ بَعَثكَ بَعـدَ مَوتِكَ لِتَرى تِلْكَ الإجابَة عَـنْ سُؤلِكَ حِـينَ تَعجَبْت وَدُهِشْتَ
مِنْ أمْـرِ القَريَةِ بِفناءِ أهْلِها وَعَن مَبْعَثِهِم مِنْ يَوْمِ القيامَةِ, فأحَسَ عُزيْـر
بالدَهْشَةِ تَنسَحِبُ مِنْ رَوَعِ نَفسِهِ وَقالَ المَلْك (فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ)
أيْ: لَنْ يَتَغَير بِمَّـرِ السِنينَ الطَويلَةِ عَليهِ, وَلَـمْ تَذهَب طَراوَتَهُ
فِي نِضُوجِهِ, فَكأنَهُ طَعامٌ لَمْ يَحقِبُهُ الدَهْر فِي أيامِهِ: حَتى قالَ لـَهُ (وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ)
أيْضاً وَمّا فَعَلْنا بِكَ إلاّ بإذنِ اللـَّهِ كَيْ تُعايِّن ما اسْتَبْعَدتَهُ مِنْ
إحياءٍ بَعَدَ مَوْتِكَ, فَجَعَلْنا حِمارُكَ آيَة لِنَفسِكَ, وَأنْتَ آيَـةً لِلناسِ لِتَرى تِلكَ
الفـَوارقِ مَـعَ هــذِهِ السِـنِين الطَويـلَة, وَالأزْمـان المُتعاقبَـة بَـيْنَ طَعامِـكَ
وَحِمارِكَ ثمَ قالَ (وَانْظُرْ) ياعُُزَيْر (إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا) وَهِيَّ عِظامُ
حِمارُكَ كَيْفَ نَرفَعُها مِنْ أماكِنِها مِـنَ الأرضِ, وَنُنْشِزُها إلى أماكِنِها مِـنَ الجسم
(ثـُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً) أيْ: نـُحْيِِّيها لِتلْكَ العِظام, وَنَبعَثُ الحَياةَ فِيـها
ذلِكَ لِتَـطمَئِِنَ نَفسُـكَ بالبَعـْثِ بَعـدَ أنْ لَّبْثتَ طَوِّيلاً (وَلِنَجْعَلَكَ آيَـةً لِلـنَّاسِ)
لِتَكُونَ عَلامَةٌ لَهُم وَبَينَةٌ مِنَ الدَلائِلِ لِتُخْرِِجَهُم مِنْ حَنادِسِ الكُفرِ وَالضَّلالِ
وَالشَكِ وَالارتِيابِ (فَلَمَّا تَبَيَّنَ لـَهُ) أيْ: تَحَققَ لِعُزَيْـر بَعـدَ أنْ رَأى حِمارَهُ
بِعَلاماتِهِ وَسِماتِهِ قائِمٌ على أربَعِةِ أرْجُلٍ, وَهُوَ يَنْظرُ إلى عِظامِهِ يَكْسُوها
اللهُ لَحْماً, وَنَبَتَ فَوْقَهُ جِلْداً, وَجَرَت فِي شَرايِينِهِ الحَياة وَعادَ الحِمارُ كَمّا
كانَ فِي لَحظَةِ المَوْتِ جَسَداً بَلاّ رُوح, فوَضَحَت لـَهُ قدرَة اللـَّه, وَسِهُولَة البعث
(قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللـَّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَـَدِيرٌ) إنـَهُ رَبِّي قَـَد وَهَبَ الحَياةَ
فِي كُلِّ المَوجُوداتِ مِنْ حَِيثُ يَمْنحُها ويَسْلبُها وَهُوَ المُنشِأُ الخَلْقَ وَيُفنِيه
وَهُوَ عَلى كُلِِِّ شَيءٍٍ قدِيـرٍ عَلى أنْ يَبْدِعَ العَوالمُ الحَيَّة ويُمِيتُها ,, بَعـدَ أنْ
رَأى مُعجِزَة الله تَحدِثُ أمامَهُ فِي بَعثِ المَوْتى بَعدَ تَحوِّلِهِم مِنْ تُرابٍ إلى
عِظامٍ, ثَمَ لَحمٍ, ثـُمَ حَياةٍ, فأخَذَ حِمارَهُ وَشَرعَ فِي طَريقِهِ إلى بَيتِهِ, وَكانَ
اللهُ سُبْحانَهُ قَـَد شاءَ أنْ يَجْعَلَ نَبِيَهُ عُزيْـر مُعجِزَةً حَيْةً عَلى صِدقِ البَعثِ
وَنشُورِ الأمْواتِ لِيُؤمِنَ الناسُ بالقِيامَةِ وَالحِسابِ ,, فَبَدءَ يُفَكِرُ لِيَسْتَرجِعَ
ماضِيَهُ إنَهُ فِي حِلْمٍ بَعيدٍ, فَلِمَن يَسْأل وَهُوَ لاّ يَعرفُ أحَداً, وَلاً أحَدٌ يَعرفَهُ
كانَ قَََد خَرَج مِنْ قَريَتِهِ وَعمْرُهُ أربَعُونَ عاماً, وَعادَ إلَيْها كَمّا خَرَجَ مِنها
وَعمْرُهُ أربَعُونَ عاماً, وَأهْلُ قَريَتـه عاشُوا بَعـدَ مَوْتِهِ مِـئَةَ عـامٍ, فتَبَدَلَّت
بِهُم المَعالِمُ, وَاختَلفَت المَنازلُ, وَهَرِمَّت الأطْفالُ, وَماتَت أجْـيالُ, وَفـُنيَتْ
أعمارُ, وَإذا بِعُزَيـرٍ قََـَدْ انتَهى إلى مَنزلِـهِ,, فَخَرَجَت لـَهُ عَجُوزٌ فانِيَةٌ قَـَدْ
وَهَنَ عَظمُها, وَذوى عُودُها, وَأصْبَحَت مِنْ بَعـدِهِ عِـتِيا,, فَنَظرَ إليْها قََـَدْ
عَشا بََصَرُها, وَهِيَّ امْرأتَهُ التِي خَلَفَها فِي رَبيعِ حَياتِها, وَكانَ لَها زُهْرَةً
فِـي سَلوَتِها: سَألـَها أهـذا بَيْـتُ عُزَيـر: قالتْ نَعَـم؟ وَلكِن خَنَقَتها العَبْـرَة
وَجادَت عَيْناها بِالدَمْعٍ فَكَفَتـْهُ بِكُمِها: وَقالـَتْ يا هـذا مّا رأيْتَ مِـنْ حِقبَـةِ
الزَمانِ الطَويل مِنْ ذُكْرِ عُُزَيرٍ إلاّ الآن, لَقدْ ذَهَبَ مِنْ قـرْنٍ وَنَسِيْهُ الناس
بَعدَ فَقدِهِ مِئَةَ عامٍ: قالَ يا أَمَةََ الله أنا عُزيْر أماتَنِي الله مائَةُ عامٍ, وَها أنا
أمامُكِ قََـَدْ بَعثَنِي إلى الحَـياةِ, فاضْطَرَبَت مَشاعِرُها, وَأنْكَرَتْ عَليـهِ بادِيَّ
رَأيَه, فَحَلَفَ لَها باللهِ؟؟
قالَت: يا هـذا إنَ عُزيـراً نَبِّياً صالِحاً مُسْتَجاب الدَعوَةَ ما تَطلَبَ حاجَةً إلاّ
تَقبَلَ الله مِنهُ: وَلاّ تَشَفَعَ لـَهُ فِي مَريضٍ إلاّ شَفاهُ, فإذا كُنتَ عُزيـْراً بِحَقٍ
فادْعُ اللهَ أنْ يَرُدَّ عَليَّ بَصَري لِكَيْ أراكَ وَأعرفُكَ,,
فَدَعا اللهُ فإذا هِيَّ مِنْ قِيامِ ساعَتِها ذاتُ بَصَرٍ حَدِيدٍ, وَجِسْمٌ سَلِيمٍ, وَوَجْهٌ
مُضِيءٍ, فَذَهَـبَت إلى قَوْمِها مِـنْ بَنـِّي إسْرائـِِيلَ وَفِيهُـم أبناؤُها وَأحفادُها
يَسُودُها الفَرَحُ, وَصاحَت أنَ عُزيراً الذِي فَقدتِمُوهُ مِـنْ مِئَـةِ عامٍ قَـَدْ رَدَهُ
اللـَّه فَتِياً يَخْطِرُ فِي رِيقِ الشَبابِ, وَلـَهُ في وَصْـفِ الرِجالِ غَـضُ الإهابِ
وَسِرعانَ ما أخْبَرَت عَنهُ تَسايَـرَ القَومُ فِي طَرِقِها هارعِينَ, وَأقبَلـُوا إليهِ
مُسْتَبْشِرينَ, فَوَجَدُوه فَتِياً مُسَتَوِّي الخَلْق فأنْكَرُوا عَليهِ صِفَتَهُ, وَأعظَمُوا
فِرْيَتَهُ, وَلـَمْ يَسْتَجِيبُوا لِرَأيِـهِ أمْـراً عَلى مُعجِزَتِـهِ, وَظَّـلَ كُـلُّ واحِـدٍ مِنهُم
يَخُوضُ فِيمّا يَخُوضَ فِيهِ القـَوْم, وَيَندَهِشُ فِيمّا يَندَهِشَ الناسُ فِي أمْـرِهِ
وَبَيِّنَة إحياءِهِ, حَتى رَكِبَ إبطال بَعثَتَهُ فِي نِفوسِهِم جِبلَّةً, وَامْتَزَجَ الإنكارُ
بَيْنَ جَوانِحِهِم خِلْقَةً, فَعِندَها اجتَمَعَ كِبارُ الدِين يَجُولـُونَ الرَأيُ فِي أمْـرِهِ
لَعَلهُم يَهتَدُونَ إلى مَكانِ أثَرِهِ مِنهُم قُرابَةً أوْ نَسَباً,,
وَلَمّا اسْتَحكَمَ فِيهُم اليَأسُ مِنْ شَخْصِهِ بِقِبُولِـهِ إلَيهِم, فَنَفَضُوا الأكفَ مِـنْ
رَواجِ اقتِراحِهِم إليهِ خَلَصُوا إلى أنفُسِهِم يَتَناجُونَ وَيَتَشاوَرُونَ كَيْفَ بَعَثهُ
الله بَعدَ مِئَةِ عامٍ حَياً فأرادُوا أنْ يَمنَحَهُم عُزيْرٌ بالحُجَةِ وَالبُرهانِ,,
فقالَت إحْدى بَناتَهُ إنَ لأبي شامَةٌ فِي كَتفِهِ الأيْمَن كانَ يَتمَيَّزُ بِها, وَيُعرَف
بِصِفَتِها فَكَشَفَ القوْمُ عَنْ كَتفِهِ فإذا العَلامَةُ هِيَّ كَمَا عَرَفَها أبناؤُهُ, وَعَن
مّا سَمَعَ عَنها أحفادُهُ وَالناس أجمَعِينَ, وَلكِنَهُم أرادُوا أنْ تَطمَئِنَ قلُوبَهُم
وَتَسْتَقِينَ نفُوسَهُم أكْثَرُ دَلالَةً وَبُرْهاناً لِتَنْبرِيَّ عَنهُم حِبالُ الشَكِ مِنْ بَـيْنَ
صِدُورِهِم, ثـُمَ سألُوه, وَقالـُوا: نَحنُ سَمِعنا مِنْ آبائِنا وَأسْلافِنا أنَ عُزيراً
كانَ نـَبِّياً للـَّهِ وَقـَد أخْفـى التَـوراة مِـنْ بَعـدِ مَـوْتِ مُوسى حَتى لاّ يَحرقها
الأعداء فإنْ كُنتَ عُزيراً فَأجِبْنا لأنَهُ لَمْ يَكُنْ فِي الأرضِ مَنْ يَحفظ التَوراة
غَيْرُكَ فَقَرَأها عَليهِم وَلَمْ يَترُك حَرْفاً مِنْها وَأقبَلُوا عَليهِ مُباركِينَ فَعَظَمُوه
وبَسَطَ اللهُ عَليهم فِي رزقِهِ وَزادَهُم فِي مالِهِ وَبارَكَ لَهُم فِي ثَمَرْهِ وَمَتَعَهُم
فِي مَظاهِرِ نِعمَتِهِ, وَرَفَهَهُم فِي مَجالِ عِيشَّتِهِم, وَلكِنَهُم ما ازْدادُوا إيماناً
بَلْ ازْدادُوا كُفراً وَضَلالاً وَتَمادِياً وَنَسَبُوا إلى اللهِ تَعالى عَنْ إحيائِهِ لَعُـزَيرٍ
(عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ) (التوبة30) (وَاللهُ العالِمُ) انتَهى تَفسِيرُ الشَيخ ألحَجاري
[/b][/center] [/c[/center]enter] | |
|
GeeGee مراقب عام
الجنس : اسم الموقع : DooGeeno رابط الموقع : http://doogeeno.own0.com/forum العمل/الترفيه : دوجينو المساهمات : 319 النشاط : 1077 الأعجاب : 140 الأنتساب : 12/09/2011 العمر : 33
| موضوع: رد: سُورَةُ آلبَقرَة تَفسِير قصَة النَبِّي عُزَيْر (ع) الأحد 02 أكتوبر 2011, 3:55 am | |
| مشاء الله ... بارك الله فيك .... طرح رائع ومميز
لا حرمنا الله من مواضيعك القيمة
دمت بكل الود
تقبل مروري
في حفظ الله ورعايتة | |
|
شمس الحرية عضو برونزي
الجنس : اسم الموقع : العراق العمل/الترفيه : صحافه المساهمات : 171 النشاط : 249 الأعجاب : 111 الأنتساب : 21/03/2011 العمر : 34
| موضوع: رد: سُورَةُ آلبَقرَة تَفسِير قصَة النَبِّي عُزَيْر (ع) الثلاثاء 18 أكتوبر 2011, 3:09 pm | |
| شكر ست GeeGee على المرور الكريم بالموضوع | |
|
محمدالعابد مشرف المنتدى الاسلامي
الجنس : الأقامة : مصر اسوان اسم الموقع : http://elabed.forumarabia.com/ المهنة : العمل/الترفيه : تقاعد ق/م كيف تمكنت من الوصول للمنتدى : دعوة من المنتدى
الأوسمة : الهواية : المزاج : المساهمات : 566 النشاط : 2070 الأعجاب : 110 الأنتساب : 15/08/2011 العمر : 69
| موضوع: رد: سُورَةُ آلبَقرَة تَفسِير قصَة النَبِّي عُزَيْر (ع) السبت 29 أكتوبر 2011, 2:27 am | |
| جزاك الله خير استاذتنا شمس الحريه موضوع مميز بارك الله جهدك واثقل الله موازين اعمالك | |
|